❖﷽❖ ✨💫 مرور أميرالمؤمنين عليه السلام بأرض كربلاء 💫✨ إخبار أمير المؤمنين عليه السلام بحضور عيسى عليه السلام والحواريون في أرض كربلاء وإخبارهم بشهادة الحسين عليه السلام فيها 📜ثم سار [علي عليه السلام‏] حتى نزل بدير كعب، فأقام هنالك باقي يومه وليلته. وأصبح سائراحتى نزل بكربلاء، ثم نظر إلى شاطئ الفرات وأبصر هنالك نخيلا، فقال: يا ابن عباس! أتعرف هذا الموضع؟ فقال: لا يا أمير المؤمنين، ما أعرفه، فقال: أما إنك لو عرفته‏كمعرفتي لم تكن تجاوزه حتى تبكي لبكائي؛ قال: ثم بكى علي رضى الله عنه بكاء شديدا، حتى‏اخضلت لحيته بدموعه‏ وسالت الدموع‏ على صدره، ثم جعل يقول: أواه! ما لي ولآل‏أبي سفيان! ثم التفت إلى الحسين رضى الله عنه، فقال: اصبر أبا عبدالله! فلقد لقي أبوك منهم مثل‏الذي تلقى من بعدي. قال: ثم جعل علي رضى الله عنه يجول في أرض كربلاء كأ نه يطلب شيئا، ثم نزل ودعا بماء، فتوضأ وضوء الصلاة، ثم قام، فصلى ما شاء أن يصلي والناس قد نزلوا هنالك من قرب‏نينوى‏ إلى شاطئ الفرات، قال: ثم خفق برأسه خفقة، فنام وانتبه فزعا، فقال: يا ابن‏عباس! ألا أحدثك بما رأيت الساعة في منامي؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين، فقال: رأيت‏رجالا بيض الوجوه، في أيديهم أعلام بيض، وهم متقلدون بسيوف لهم، فخطوا حول هذه‏الأرض خطة، ثم رأيت هذه النخيل وقد ضربت بسعفها الأرض، ورأيت نهرا يجري‏بالدم العبيط، ورأيت ابني الحسين وقد غرق في ذلك الدم وهو يستغيث فلا يغاث، ثم إني‏رأيت أولئك الرجال البيض الوجوه الذين نزلوا من السماء وهم ينادون: صبرا آل الرسول‏صبرا! فإنكم تقتلون على أيدي أشرار الناس، وهذه الجنة مشتاقة إليك يا أبا عبدالله، ثم تقدموا إلي، فعزوني وقالوا: أبشر يا أبا الحسن، فقد أقر الله عينك بابنك الحسين غدا يوم يقوم الناس لرب العالمين، ثم إني انتبهت؛ فهذا ما رأيت، فو الذي نفس علي بيده، لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسم‏أني سأرى هذه الرؤيا بعينها في خروجي إلى‏قتال أهل البغي علينا، وهذه أرض كربلاء الذي يدفن فيها ابني الحسين وشيعته وجماعةمن ولد فاطمة بنت محمد، وأن هذه البقعة المعروفة في أهل السماوات تذكر بأرض‏كرب وبلاء ، وليحشرن‏ منها قوم يدخلون الجنة بلا حساب. ثم قال: يا ابن عباس! اطلب لي حولها صيران الظباء، فطلبها ابن عباس، فوجدها، ثم قال: يا أمير المؤمنين! قد أصبتها، فقال علي رضى الله عنه: الله أكبر! صدق الله ورسوله. ثم قام علي رضى الله عنه يهرول نحوها حتى وقف عليها، ثم أخذ قبضة من بعر الظباء فشمها، فإذا لها لون كلون الزعفران، ورائحة كرائحة المسك، فقال علي رضى الله عنه: نعم، هي هذه‏بعينها؛ ثم قال: أتعلم ما هذه يا ابن عباس؟ قال: لا يا أميرالمؤمنين، فقال: إن المسيح‏عيسى ابن مريم قد مر بهذه الأرض ومعه الحواريون، فشم هذا البعر كما شممته، وأقبلت‏إليه الظباء حتى وقفت بين يديه، فبكى عيسى وبكى معه الحواريون وهم لا يدرون لماذايبكي عيسى عليه السلام، فقالوا: يا روح الله! ما يبكيك؟ ولماذا اختلست ها هنا؟ فقال لهم: أتعلمون ما هذه الأرض؟ قالوا: لا يا روح الله، فقال: هذه أرض يقتل عليها فرخ‏الرسول أحمد المصطفى وفرخ ابنته الزهراء قرينة الطاهرة البتول مريم بنت عمران، ثم‏ضرب بيده عيسى إلى بعر الظباء، فشمه وقال: يا معشر الحواريين! هذا بعر الظباء على‏هذا الطيب لأ [نه‏] كان [من‏] حشيش هذه الأرض؛ ثم مضى عيسى ابن مريم صلوات‏الله عليه، وقد بقيت هذه البعرات إلى يومنا هذا من ذلك الدهر، حتى أ نها قد اصفرت‏لطول الزمان عليها، فهذه أرض الكرب والبلاء. قال: ثم بكى علي رضى الله عنه، وقال: يا رب عيسى! لا تبارك في قاتل ولدي والعنه لعناكثيرا، ثم اشتد بكاء علي وبكى الناس معه حتى سقط على وجهه وغشي عليه؛ ثم‏ أفاق، فوثب، فصلى ثماني ركعات، وسلم من كل ركعتين، فكلما سلم جعل يتناول من‏ذلك البعر، فيشمه، ويقول: صبرا أبا عبدالله، صبرا يا ثمرة رسول الله‏وريحانة حبيب‏الله، ثم أخذ كفا من ذلك البعر، فصره في ثوبه وقال: لا يزال هذا مصرورا أبدا أو يأتي‏علي أجلي، ثم قال: يا ابن عباس! إذا رأيتها من بعدي وهي تسيل دما عبيطا، فاعلم أن‏أبا عبدالله قد قتل. قال ابن عباس: فو الله لقد كنت أشد تحافظا لها بعد علي بن أبي طالب‏وأنا لا أحلها عن طرفي. 📚ابن أعثم، الفتوح، 2/ 462- 465