#نادر_طالب_زاده... السينمائي الثائر الذي طوّع الفن في مشروع ال م ق او مة
نادر طالب زاده.. صفات كثيرة تُطلق على هذا الرجل، الفنان والمناضل والمثقف والباحث والمقاوم. في إيران، يقولون إن طالب زاده رحل بعد أعوام من النضال.
"الأفلام الدينية تساعد على تخفيف حدة التعصب تجاه الإسلام، وتُبعد عن الدين تهمة الإرهاب. إن إنتاج مثل هذه الأفلام من قلب إيران يرد على الهجوم الغربي علينا".
المخرج الإيراني نادر طالب زاده، في حديث صحافي عام 2010.
عشرات الأعوام من الأفكار والتصريحات المثيرة للجدل بشأن السياسة والإعلام والسينما، أمضاها المخرج الإيراني نادر طالب زاده في صناعة المواقف والأفلام التي خرجت من الصندوق إلى العالم. لونٌ فريد من طيف الثقافة الإيرانية. أرشف الحروب بنفسه. ذهب إليها ليرى المشهد الحقيقي قبل أن ينقله إلى المشاهدين. عايش الحرب العراقية الإيرانية ووثّقها. ذهب كذلك إلى البوسنة وشهد على الجرائم التي حدثت هناك. عاش بعض السنوات في أميركا وتحدّث عن العنصرية فيها. كذّب الماكينة الإعلامية الأميركية في أكثر من مكان، وكشف زيفها، الأمر الذي جعله "يستحق العقاب". وعام 2019، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عليه عقوبات بتهمة "تنظيم مؤتمرات نيو هورايزن"، وهي منظمة اجتماعية وثقافية في إيران.
من هو نادر طالب زاده؟
وُلد طالب زاده في عام 1954 في طهران. انتقل إلى الولايات المتحدة في سن الـ16 عاماً، وعاش هناك لمدة 10 أعوام. حصل على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي من جامعة "راندولف میکن"، وشهادة الماجستير في الإخراج التلفزيوني من جامعة كولومبيا، وبدأ أنشطته الفنية في عام 1981 في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بإنتاج أفلام وثائقية. تولّى منصب أمين الاتحاد الدولي "أفق نو" (الأفق الجديد) وأمين مهرجان "عمار" للأفلام، وكان من المساهمين في تأسيس قناة "أفق".
"بشارة المنقذ"، اسم مسلسل تولى طالب زاده إخراجه، تناول الأرضيات المشتركة بين الإسلام والمسيحية، وتمّ عرضه في مختلف قنوات التلفزيون الإيراني، والبرامج الموجهة إلى الخارج. مسلسله عن السيد المسيح حظي كذلك باهتمام واسع داخل إيران وخارجها. درّب في المركز الاسلامي "تدريب صناعة الأفلام" وإدارة مركز الأبحاث والدراسات السينمائية في دائرة الشؤون السينمائية في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.
من بين أنشطته، سلسلة مؤتمرات دولية، "الأفق الحديث"، بحيث سعى من خلاله لتوحيد المفكرين المناهضين لأميركا والصهيونية من غير الإيرانيين وغير المسلمين. وهو النشاط الذي فضح، بعد فترات طويلة من بثه، المسؤولين الأميركيين، بحيث أصبح طالب زاده في قائمة الشخصيات التي تُفرض عقوبات أميركية ضدها.
كان سكرتيراً لمهرجان "عمار الشعبي" في الفترة الثانية منه، وهو المهرجان الذي كان تلبية لنداء المرشد الإيراني، تحت عنوان "أين عمار"، وأطلق عليه اسم "عمار". شارك كذلك في الكتابة، وكتب أعمالاً، مثل "الظلام والضوء"، "الصورة العائلية في السينما الإيرانية"، "قوة اللوبي الإسرائيلي في كندا"، "المصير المشترك للفلسطينيين والكنديين الأصليين".
كيف قارع أميركا؟
في الوقت الذي كان يدرس في جامعات أميركية، كان النظام السياسي الإيراني يتغير. عاد زاده إلى إيران عام 1978، وبعد 10 أيام من انتصار الثورة حصل على ترخيص من صحيفة "طهران تايمز"، الناطقة بالإنكليزية، ثم بدأ العمل في التلفزيون الإيراني عام 1981، ثم عمل في مركز إنتاج الأفلام التلفزيونية.
اغتنم كل المناسبات للحديث عن الولايات المتحدة وعن الدعايات المضلِّلة والافتراءات التي تروّجها. رأى أن الولايات المتحدة في أزمة، وأنه يجب توثيق الأزمات التي تعيشها وتحليلها وفحصها في إيران. كان بين اهتماماته دعوة الشخصيات السياسية والثقافية الأميركية، التي وصفها بأنها "تنتقد أميركا". وأحضر هؤلاء الأشخاص إلى إيران في المؤتمر السنوي بعنوان "الأفق الجديد"، وأجرى مقابلات مع بعضهم على الهواء مباشرة في البرنامج التلفزيوني "راز"، الذي يُذاع في القناة الرابعة في التلفزيون الإيراني.
كان إطلاق مهرجان "عمار السينمائي" بمساعدة بعض المؤسسات العسكرية في إيران حدثاً مهماً آخر شارك فيه نادر طالب زاده، وكان سكرتير المهرجان، الذي تناول مواضيع المقاومة غالباً، ومحاربة الغطرسة والصهيونية، والتطورات في الشرق الأوسط، كالحرب على سوريا. وتوسّعت أبعاد المهرجان بالتدريج، وأدخلت جيلاً من صُنّاعيالأفلام "الثوريين".
كان له حضور في الدول العربية، التي كانت تشمل تدريب كوادر إعلامية. في لبنان، كان له أثر كبير في عملية الإطلاق والتطوير للعمل السينمائي، بصورة خاصة، وللعمل الثقافي، بصورة عامة، بالإضافة إلى تدريب مئات طلاب السينما وخريجيها والتأثير فيهم.