وَقالَ أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وَسائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّي ، وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هارُونَ مِنْ مُوسي ، فَقالَ لَهُ أَنْتَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسي إِلّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي ، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمينَ ، وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ ، وَسَدَّ الْأَبْوابَ إِلّا بابَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِکْمَتَهُ فَقالَ أَنَا مَدينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها ، فَمَنْ أَرادَ الْمَدينَةَ وَالْحِکْمَةَ فَلْيَأْتِها مِنْ بابِها ، ثُمَّ قالَ أَنْتَ أَخي وَ وَصِيّي وَوارِثي ، لَحْمُکَ مِنْ لَحْمي ، وَدَمُکَ مِنْ دَمي ، وَسِلْمُکَ سِلْمي ، وَحَرْبُکَ حَرْبي ، وَالْإيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَکَ وَدَمَکَ ، کَما خالَطَ لَحْمي وَدَمي وَأَنْتَ غَداً عَلَي الْحَوْضِ خَليفَتي ، وَأَنْتَ تَقْضي دَيْني ، وَتُنْجِزُ عِداتي ، وَشيعَتُکَ عَلي مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جيراني . وَلَوْلا أَنْتَ يا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدي ، وَکانَ بَعْدَهُ هُدًي مِنَ الضَّلالِ ، وَنُوراً مِنَ الْعَمي ، وَحَبْلَ اللَّهِ الْمَتينَ ، وَصِراطَهُ الْمُسْتَقيمَ ، لايُسْبَقُ بِقَرابَةٍ في رَحِمٍ ، وَلا بِسابِقَةٍ في دينٍ ، وَلا يُلْحَقُ في مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما وَ يُقاتِلُ عَلَي التَّأْويلِ ، وَلا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ ، قَدْ وَتَرَ فيهِ صَناديدَ الْعَرَبِ ، وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ ، وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ ، فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ ، فَأَضَبَّتْ عَلي عَداوَتِهِ ، وَأَکَبَّتْ عَلي مُنابَذَتِهِ حَتَّي قَتَلَ النَّاکِثينَ وَالْقاسِطينَ وَالْمارِقينَ وَلَمَّا قَضي نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَي الْآخِرينَ ، يَتْبَعُ أَشْقَي الْأَوَّلينَ ، لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الْهادينَ بَعْدَ الْهادينَ ، وَالْاُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلي مَقْتِهِ ، مُجْتَمِعَةٌ عَلي قَطيعَةِ رَحِمِهِ ، وَ إِقْصاءِ وُلْدِهِ إِلَّا الْقَليلَ مِمَّنْ وَفي لِرِعايَةِ الْحَقِّ فيهِمْ فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ ، وَاُقْصِيَ مَنْ اُقْصِيَ ، وَجَرَي الْقَضاءُ لَهُمْ بِما يُرْجي لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ ، إِذْ کانَتِ الْأَرْضُ للَّهِِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ ، وَسُبْحانَ رَبِّنا إِنْ کانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً ، وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ، وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَکيمُ فَعَلَي الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْکِ الْباکُونَ ، وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ ، وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتُذْرَفِ الدُّمُوعُ ، وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ ، وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ ، وَيَعِجَّ الْعاجُّونَ ، أَيْنَ الْحَسَنُ أَيْنَ الْحُسَيْنُ، أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ، صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ، وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ، أَيْنَ السَّبيلُ بَعْدَ السَّبيلِ ، أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ ، أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ ، أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنيرَةُ ، أَيْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ ، أَيْنَ أَعْلامُ الدّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ أَيْنَ بَقِيَّةُ اللَّهِ الَّتي لاتَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيَةِ ، أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ ، أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ ، أَيْنَ الْمُرْتَجي لِإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ ، أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الْفَرائِضِ وَالسُّنَنِ ، أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّريعَةِ ، أَيْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْياءِ الْکِتابِ وَحُدُودِهِ ، أَيْنَ مُحْيي مَعالِمِ الدّينِ وَأَهْلِهِ أَيْنَ قاصِمُ شَوْکَةِ الْمُعْتَدينَ ، أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْکِ وَالنِّفاقِ ، أَيْنَ مُبيدُ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ، أَيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقاقِ، أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْواءِ . أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْکِذْبِ وَالْإِفْتِراءِ ، أَيْنَ مُبيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْليلِ وَالْإِلْحادِ ، أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْلِياءِ وَمُذِلُّ الْأَعْداءِ ، أَيْنَ جامِعُ الْکَلِمَةِ عَلَي التَّقْوي أَيْنَ بابُ اللَّهِ الَّذي مِنْهُ يُؤْتي ، أَيْنَ وَجْهُ اللَّهِ الَّذي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْلِياءُ ، أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ