14 🔅🔅🔅 18/ فی قرب الاسناد حَدَّثَنِي الرَّيَّانُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْعَبَّاسِيِّ يَوْماً، فَطَلَبَ دَوَاةً وَ قِرْطَاساً بِالْعَجَلَةِ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ مِنَ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشْيَاءَ أَحْتَاجُ أَنْ أَكْتُبَهَا لَا أَنْسَاهَا، فَكَتَبَهَا فَمَا كَانَ بَيْنَ هَذَا وَ بَيْنَ أَنْ جَاءَنِي بَعْدُ جُمُعَةٌ فِي وَقْتِ الْحَرِّ- وَ ذَلِكَ بِمَرْوَ- فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ عِنْدِ هَذَا. قُلْتُ: مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُونِ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: مِنْ عِنْدِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ؟ قَالَ: لَا، مِنْ عِنْدِ هَذَا. فَقُلْتُ: مَنْ تَعْنِي؟ قَالَ: مِنْ عِنْدِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى. فَقُلْتُ: وَيْلَكَ خُذِلْتَ أَيْشٍ قِصَّتُكَ؟ فَقَالَ: دَعْنِي مِنْ هَذَا، مَتَى كَانَ آبَاؤُهُ يَجْلِسُونَ عَلَى الْكَرَاسِيِّ حَتَّى يُبَايَعَ لَهُمْ بِوَلَايَةِ الْعَهْدِ كَمَا فَعَلَ هَذَا؟ فَقُلْتُ: وَيْلَكَ اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ. فَقَالَ: جَارِيَتِي فُلَانَةُ أَعْلَمُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ قُلْتُ بِرَأْسِي هَكَذَا لَقَالَتِ الشِّيعَةُ بِرَأْسِهَا. فَقُلْتُ: أَنْتَ رَجُلٌ مَلْبُوسٌ عَلَيْكَ، إِنَّ مِنْ عَقْدِ الشِّيعَةِ أَنْ لَوْ رَأَوْهُ وَ عَلَيْهِ إِزَارٌ مَصْبُوغٌ وَ فِي عُنُقِهِ كَبَرٌ يَضْرِبُ حَوْلَ هَذَا الْعَسْكَرِ، لَقَالُوا مَا كَانَ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَطْوَعَ لِلَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ، وَ مَا وَسِعَهُ غَيْرُ ذَلِكَ. فَسَكَتَ ثُمَّ كَانَ يَذْكُرُهُ عِنْدِي وَقْتاً بَعْدَ وَقْتٍ. فدَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْعَبَّاسِيَ يُسْمِعُنِي فِيكَ وَ يَذْكُرُكَ، وَ هُوَ كَثِيراً مَا يَنَامُ عِنْدِي وَ يَقِيلُ، فَتَرَى أَنْ آخُذَ بِحَلْقِهِ وَ أَعْصِرَهُ حَتَّى يَمُوتَ، ثُمَّ أَقُولَ: مَاتَ مِيْتَةَ فَجْأَةٍ. فَقَالَ، وَ نَفَضَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: «لَا يَا رَيَّانُ، لَا يَا رَيَّانُ، لَا يَا رَيَّانُ». فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ هُوَ ذَا يُوَجِّهُنِي إِلَى الْعِرَاقِ فِي أُمُورٍ لَهُ، وَ الْعَبَّاسِيُّ خَارِجٌ بَعْدِي بِأَيَّامٍ إِلَى الْعِرَاقِ، فَتَرَى أَنْ أَقُولَ لِمَوَالِيكَ الْقُمِّيِّينَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا كَأَنَّهُمْ قَاطِعُو طَرِيقٍ أَوْ صَعَالِيكُ، فَإِذَا اجْتَازَ بِهِمْ قَتَلُوهُ، فَيُقَالُ: قَتَلَهُ الصَّعَالِيكُ. فَسَكَتَ فَلَمْ يَقُلْ لِي: نَعَمْ وَ لَا لَا. فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الحوان بَعَثْتُ فَارِساً إِلَى زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ، وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنَ هَاهُنَا أُمُوراً لَا يَحْتَمِلُهَا الْكِتَابُ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَصِيرَ إِلَى مِشْكَاةَ فِي يَوْمِ كَذَا وَ كَذَا، لِأُوَافِيَكَ بِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَوَافَيْتُ وَ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى مِشْكَاةَ ، فَأَعْلَمْتُهُ الْخَبَرَ وَ قَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، وَ أَنَّهُ يُوَافِي هَذَا الْمَوْضِعَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا. فَقَالَ: دَعْنِي وَ الرَّجُلَ، فَوَدَّعْتُهُ وَ خَرَجْتُ. وَ رَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى قُمْ وَ قَدْ وَافَاهَا مُعَمَّرٌ، فَاسْتَشَارَهُ فِيمَا قُلْتُ لَهُ، فَقَالَ لَهُ مُعَمَّرٌ: لَا تَدْرِي سُكُوتُهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ، وَ لَمْ يَأْمُرْكَ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ الصَّوَابُ أَنْ تَتَعَرَّضَ لَهُ. فَأَمْسَكَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ زَكَرِيَّا، وَ اجْتَازَ الْعَبَّاسِيُّ الْجَادَّةَ وَ سَلِمَ مِنْهُ. »