موسوعة الامام الخویی ج۳ ص۶۷ _۶۹
الغُلاة على طوائف: فمنهم من يعتقد الربوبيّة لأمير المؤمنين أو أحد الأئمة الطاهرين(عليهم السلام)فيعتقد بأنّه الرب الجليل و أنه الإله المجسّم الذي نزل إلى الأرض،و هذه النسبة لو صحّت و ثبت اعتقادهم بذلك فلا إشكال في نجاستهم و كفرهم لأنّه إنكار لاُلوهيته سبحانه،لبداهة أنه لا فرق في إنكارها بين دعوى ..........
ثبوتها لزيد أو للأصنام و بين دعوى ثبوتها لأمير المؤمنين(عليه السلام)لاشتراكهما في إنكار الوهيته تعالى و هو من أحد الأسباب الموجبة للكفر.
و منهم من ينسب إليه الاعتراف باُلوهيته سبحانه إلّا أنّه يعتقد أنّ الأُمور الراجعة إلى التشريع و التكوين كلها بيد أمير المؤمنين أو أحدهم(عليهم السلام)،فيرى أنّه المحيي و المميت و أنّه الخالق و الرازق و أنّه الذي أيّد الأنبياء السالفين سرّاً و أيّد النبيّ الأكرم(صلّى اللّه عليه و آله و سلم)جهراً.و اعتقادهم هذا و إن كان باطلاً واقعاً و على خلاف الواقع حقاً،حيث إنّ الكتاب العزيز يدل على أن الأُمور الراجعة إلى التكوين و التشريع كلّها بيد اللّه سبحانه،إلّا أنّه ليس مما له موضوعية في الحكم بكفر الملتزم به.نعم،الاعتقاد بذلك عقيدة التفويض لأنّ معناه أنّ اللّه سبحانه كبعض السلاطين و الملوك قد عزل نفسه عما يرجع إلى تدبير مملكته و فوّض الأُمور الراجعة إليها إلى أحد وزرائه،و هذا كثيراً ما يتراءى في الأشعار المنظومة بالعربية أو الفارسية،حيث ترى أن الشاعر يسند إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)بعضاً من هذه الأُمور.
و عليه فهذا الاعتقاد إنكار للضروري،فإنّ الأُمور الراجعة إلى التكوين و التشريع مختصّة بذات الواجب تعالى،فيبتني كفر هذه الطائفة على ما قدّمناه من أن إنكار الضروري هل يستتبع الكفر مطلقاً أو أنه إنما يوجب الكفر فيما إذا رجع إلى تكذيب النبيّ(صلّى اللّه عليه و آله و سلم)كما إذا كان عالماً بأن ما ينكره ثبت بالضرورة من الدين؟ فنحكم بكفرهم على الأوّل و أمّا على الثاني فنفصّل بين من اعتقد بذلك لشبهة حصلت له بسبب ما ورد في بعض الأدعية و غيرها مما ظاهره أنهم(عليهم السلام)مفوضون في تلك الأُمور من غير أن يعلم باختصاصها للّه سبحانه،و بين من اعتقد بذلك مع العلم بأنّ ما يعتقده مما ثبت خلافه بالضرورة من الدين بالحكم بكفره في الصورة الثانية دون الاُولى.
و منهم من لا يعتقد بربوبية أمير المؤمنين(عليه السلام)و لا بتفويض الأُمور إليه و إنما يعتقد أنه(عليه السلام)و غيره من الأئمة الطاهرين ولاة الأمر و أنهم عاملون للّه سبحانه و أنهم أكرم المخلوقين عنده فينسب إليهم الرزق و الخلق و نحوهما،لا بمعنى إسنادها إليهم(عليهم السلام)حقيقة لأنه يعتقد أن العامل فيها حقيقة هو اللّه،بل و الخوارج ١(١)و النّواصب(٢)
كإسناد الموت إلى ملك الموت و المطر إلى ملك المطر و الإحياء إلى عيسى(عليه السلام)كما ورد في الكتاب العزيز وَ أُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللّهِ ٢و غيرها مما هو من إسناد فعل من أفعال اللّه سبحانه إلى العاملين له بضرب من الاسناد.و مثل هذا الاعتقاد غير مستتبع للكفر و لا هو إنكار للضروري،فعدّ هذا القسم من أقسام الغلوّ نظير ما نقل عن الصدوق(قدس سره)عن شيخه ابن الوليد:أن نفي السهو عن النبي(صلّى اللّه عليه و آله و سلم)أول درجة الغلو ٣.و الغلو بهذا المعنى الأخير مما لا محذور فيه بل لا مناص عن الالتزام به في الجملة.
کانال مهندسی شخصیت و توسعه
@MohammadJavadHeidari