إنَّ أُولِي‌ الالْبَابِ الَّذِينَ عَمِلُوا بِالْفِكْرَةِ حَتَّي‌ وَرِثُوا مِنْهُ حُبَّ اللَهِ. فَإنَّ حُبَّ اللَهِ إذَا وَرِثَتْهُ الْقُلُوبُ اسْتَضَآءَ بِهِ وَ أَسْرَعَ إلَيْهِ اللُطْفُ ، فَإذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ اللُطْفِ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَوَآئِدِ. فَإذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَوَآئِدِ تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ. وَ إذَا تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ صَارَ صَاحِبَ فِطْنَةٍ . فَإذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْفِطْنَةِ عَمِلَ بِهَا فِي‌ الْقُدْرَةِ ، فَإذَا عَمِلَ بِهَا فِي‌ الْقُدْرَةِ عَمِلَ فِي‌ الاطْبَاقِ السَّبْعَةِ. فَإذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ صَارَ يَتَقَلَّبُ فِي‌ لُطْفٍ وَ حِكْمَةٍ وَ بَيَانٍ. فَإذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ جَعَلَ شَهْوَتَهُ وَ مَحَبَّتَهُ فِي‌ خَالِقِهِ. فَإذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَزَلَ الْمَنْزِلَةَ الْكُبْرَي‌؛ فَعَايَنَ رَبَّهُ فِي‌ قَلْبِهِ، وَ وَرِثَ الْحِكْمَةَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَتْهُ الْحُكَمَآءُ، وَ وَرِثَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَتْهُ الْعُلَمَآءُ، وَ وَرِثَ الصِّدْقَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الصِّدِّيقُونَ. إنَّ الْحُكَمَآءَ وَرِثُوا الْحِكْمَةَ بِالصَّمْتِ. وَ إنَّ الْعُلَمَآءَ وَرِثُوا الْعِلْمَ بِالطَّلَبِ. وَ إنَّ الصِّدِّيقِينَ وَرِثُوا الصِّدْقَ بِالْخُشُوعِ وَ طُولِ الْعِبَادَةِ. فَمَنْ أَخَذَهُ بِهَذِهِ السِّيرَةِ إمَّا أَنْ يَسْفَلَ وَ إمَّا أَنْ يُرْفَعَ. وَ أَكْثَرُهُمُ الَّذِي‌ يَسْفُلُ وَ لَا يَرْفُعُ إذَا لَمْ يَرْعَ حَقَّ اللَهِ وَ لَمْ يَعْمَلْ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ. فَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ ، وَ لَمْ يُحِبُّهُ حَقَّ مَحَبَّتِهِ. فَلَا يَغُرَّنَّكَ صَلَوتُهُمْ وَ صِيَامُهُمْ وَ رِوَايَاتُهُمْ وَ عُلُومُهُمْ ؛ فَإنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ. يَا يُونُسُ! إذَا أَرَدْتَ الْعِلْمَ الصَّحِيحَ فَعِنْدَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ! فَإنَّا وَرِثْنَاهُ ، وَ أُوتِينَا شَرْحَ الْحِكْمَةِ وَ فَصْلَ الْخِطَابِ.